هي تتحقق-رويدا العربي
لم تبدأ حملات الكراهية والمعلومات المضللة التي استهدفت الملاكمة واللاعبة الأولمبية الجزائرية إيمان خليف عقب فوزها الساحق على الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني والذي استغرق منها فقط 46 ثانية لتتغلب عليها في دور الـ16 يوم الخميس، لقد سبقت تلك الحملة فوزها وأشعلها مشاهير وسياسيون ومؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي اتهموا إيمان خليف بأنها رجل متحول، ما أدى لحملة من خطاب الكراهية استهدفت اللاعبة الجزائرية على منصات التواصل الاجتماعي.
مشاهير يشاركون في نشر الأخبار المضللة وخطاب الكراهية
بدأ الأمر حين نشر الكاتب البريطاني “ريتشارد داوكنس” تغريدة مرفقة بمقال عنون ب: “تم استبعاد “ملاكمتين” من المقرر أن تتنافسا في باريس 2024 في بطولة العالم للسيدات بسبب وجود “كروموسومات XY”
وجاء في النص الذي كتبه داوكنس مرفقا مع المقال:
“يُسمح لرجلين متنكرين بزي امرأتين بالملاكمة ضد
نساء حقيقيات في الألعاب الأولمبية.”

وارتكز المقال الذي نُشر عبر موقع reduxx على معلومات غير مثبتة حول الأسباب التي أدت لاستبعاد خليفة من بطولة العالم للسيدات للملاكمة في مارس 2023 في نيودلهي بالهند.
المقال الذي صيغ بشكل تأكيدي ودون مصادر تؤكد ما ورد فيه ذكر أن خليفة تحمل كروموسومات XY مستندا في ذلك على تصريحات عمر كريمليف، رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة.
وبينما ذكر كريمليف ذلك فعلا فهو في الوقت نفسه لم يقدم أدلة ملموسة تؤكد هذه الادعاءات ولم تظهر مثلا نتائج اختبار.
وفي ذلك الوقت كتبت الرابطة الدولية للملاكمة في بيان عام أن “الملاكمة الجزائرية إيمان خليف استبعدت من بطولة العالم للملاكمة بسبب فشلها في تلبية معايير الأهلية الخاصة بالرابطة الدولية للملاكمة”. لكن اللجنة الأولمبية الجزائرية نفت ادعاءات الرابطة الدولية للملاكمة، ونسبت استبعاد خليف إلى “مؤامرة” لمنع الجزائر من الحصول على الميدالية الذهبية في الملاكمة.
وردا على تغريدة ريتشارد داوكنس التي تم إعادة نشرها أكثر من 4 آلاف مرة كتب الملياردير الكندي إيلون ماسك “هذا من الواضح أنه غير منصف”

ولاقت تغريدة الملياردير الكندي والمدير العام لمنصة X تفاعلا كبيرا بين مؤيد ومعارض لهذا الإنحياز لرواية غير مثبتة وتم إعادة تغريد هذا الرد وتداول صورته مئات المرات من قبل حسابات عدة.
ولم يتوقف الأمر هنا حيث غردت الرئيسة الإيطالية جورجا ميلوني قبل بدء المباراة :
“إيطاليا لا توافق على قرار اللجنة الأولمبية الدولية بالسماح – للملاكمة الجزائرية – بالمشاركة في منافسات السيدات.. أعتقد أنه لا ينبغي السماح للرياضيين الذين لديهم خصائص وراثية ذكورية بالمشاركة في المسابقات النسائية.. يجب أن نكون حذرين ونحن نحاول عدم التمييز.. نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على المنافسة على قدم المساواة ومن وجهة نظري لم يكن هذا تنافسا على قدم المساواة”.
كل التغريدات السابقة التي لم تستند لأدلة يمكن الوقوف عليها فيما يتعلق بادعاء كون إيمان خليف ذكر بيولوجيا، كانت سببا في اشتعال موجة من خطاب الكراهية ضد اللاعبة الجزائرية عقب فوزها أرفقت بوسوم مثل:
#IStandWithAngelaCarini
الذي تم تداوله أكثر من 500 ألف مرة منذ الواحد من أغسطس،
ووسم #ThisIsMaleViolence الذي تم تداوله أكثر من 700 مرة وتم إعادة نشره ألاف المرات
ووسم #sexnotgender الذي ذكر خلال الأيام الماضية في 4 ألاف منشور عبر منصة X .

الديلي ميل البريطانية تعرف إيمان على أنها ذكر بيولوجيا
وفي ظل الجدل القائم حول فوز خليفة وعدالة مشاركتها في أولمبياد باريس 2024 جاء عنوان مقال “الديلي ميل البريطانية حول فوزها وخسارة نظيرتها الإيطالية معنونا كالتالي:
ملاكمة تصرخ “هذا غير عادل” وتسقط على ركبتيها باكية وهي تنسحب من القتال ضد منافستها الأولمبية “الذكر بيولوجيًا” إيمان خليف بعد 46 ثانية فقط بعد لكمتين قويتين

وتطرق المقال أيضا لمسألة استبعاد اللاعبة الجزائرية من بطولة العالم العام الماضي “بعد فشلها في اجتياز اختبارات هرمون التستوستيرون التي أجريت لتحديد الجنس المؤهل”.
وفيما تضع الصحيفة سببا لاستبعاد خليفة من بطولة العالم العام الماضي وهو “ارتفاع هرمون التستوستيرون” فهي تمضي لتأكيد كونها “ذكرا بيولوجيا” دون أن تضع أدلة تدعم هذا الإدعاء.
ووفقا للطبيب أحمد الزعيليك رئيس تحرير منصة نورني للتحقق من الأخبار والمعلومات المضللة فارتفاع هرمون التستوستيرون لا يعني بالضرورة أن يكون المرء ذكرا بيولوجيا كما أن انخفاضه لا يعني أن يكون الرجل إمراءة.
وأضاف الزعيليك أن تحديد الجنس بيولوجيا يتطلب إجراء تحليل أو فحص على مستوى الخلايا وذلك لتحديد الكروموسومات وتحديد ما إذا كان الشخص يحمل كروموسومي XY وهو ما يجعله ذكرا بيولوجيا أو كروموسومي XX وهو ما يجعله أنثى بيولوجيا.
الأمر معقد ويصعب شرحه بحسب الزعيليك الذي أوضح أن بعض الأمراض أو بعض المتغيرات التي تحدث للجنين أو بعض المتلازمات قد تجعل المرء يولد بأعضاء تناسلية تختلف عن حقيقته الجينية على المستوى الخلوي.
وفي حالة إيمان خليف هذا لم يحدث أو على الأقل لا يوجد تأكيد أو دليل يثبت الادعاءات المرتبطة بها.
وفي حين يتفق العلماء واللجنة الأولمبية الدولية على أن هرمون التستوستيرون ” عامل مهم في تشكيل الأداء لدى الرياضيين النخبة في بعض الرياضات والأحداث والتخصصات “، إلا أنه لا يتنبأ بالضرورة بأداء الرياضي الفردي.
صور طفولة إيمان تظهرها كطفلة أنثى
وبينما استمر الجدل حول جنس اللاعبة الجزائرية بدأ مغردون ومؤثرون وأصدقاءُ للاعبة بنشر صور تظهرها في طفولتها بشعر مسرح وبهيئة فتاة عادية وهو ما يتنافى مع الرواية التي تم تداولها والتي تقول إنها “متحولة جنسيا”.



وكانت البطلة الأولمبية قد ظهرت في لقاء تلفزيوني عبر برنامج “علمتني الحياة” الجزائري” عام ٢٠٢٢ متحدثة عن كونها كافحت حتى تجد مكانا لها في وسط اجتماعي رفض ممارستها الملاكمة كونها إمراءة وظروف مادية صعبة دفعتها لبيع الخبز بجانب الطريق في قريتها لتوفير احتياجتها الرياضية خلال بدايتها في مجال رياضة الملاكمة.
اللجنة الأولمبية تحسم الجدل حول خليف
وفي ظل كل ما سبق أصدرت اللجنة الأولمبية بيانا تؤكد فيه أهلية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف للمشاركة في أولمبياد باريس 2024 بعد حملات الكراهية التي استهدفتها والادعاءات بأنها متحولة جنسيا.
ودافع المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية، مارك آدامز عن مشاركة الملاكمة الجزائرية في مؤتمر صحفي، الجمعة، قائلا إنها “وُلدت أنثى، وهي مسجلة أنثى، وعاشت حياتها كأنثى، وتُلاكم كأنثى، ولديها جواز سفر أنثى”. وأضاف: “هذه ليست قضية تتعلق بالتحول الجنسي”.
وولدت إيمان في ولاية الأغواط بالجزائر ٢ مايو ١٩٩٩ وبعمر الشهرين انتقلت أسرتها لولاية تيارت وعاشت بمنطقة بيبان مصباح وهي منطقة فلاحية حسب وصف إيمان.
وعائلة إيمان عائلة محافظة وفقيرة، ووفقا لتصريحات سابقة لها فمحيط قريتها المحافظ لم يتقبل أن تمارس فتاة الملاكمة في البداية.