حملة سعودية بعد اعتذار محمد سلام عن موسم الرياض بسبب قصف غزة

حملة سعودية منسقة على "الدول المجاورة" بسبب موسم الرياض وقصف غزة

اعتذر الفنان المصري محمد سلام عن المشاركة في عرض مسرحي خلال المهرجان الترفيهي، وربط قراره بالظروف المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي الممتد منذ هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وهو ما أثار غضبًا سعوديًا جاء مُترجمًا في صورة حملة إلكترونية منسقة.

وظهرت عدة وسوم تحتوي عشرات الآلاف من التدوينات، التي يحمل بعضها هجومًا على سلاّم والمصريين، معتمدة على خطاب قومي للرد على الدعوات إلغاء موسم الرياض.

ولعبت تكتلات إلكترونية سعودية معروفة بدورها في تنسيق وإطلاق الحملات، دورًا في تضخيم الوسوم، إضافة إلى الاعتماد على شبكات حسابات وهمية واستدعاء خطاب الكراهية.

ماذا حدث؟

قبل انطلاق موسم الرياض بـ 5 أيام، ظهر الفنان محمد سلام في مقطع فيديو عبر خلاله عن حزنه لما يحدث في غزة، وأعلن اعتذاره عن المشاركة في موسم الرياض.

بعد وقت قصير من نشر الفيديو، شهد موقع إكس عودة ظهور الوسم القومي #السعودية_خط_احمر - الذي عادة ما يتم استدعائه في وقت الحوادث الكبيرة أو الأزمات السياسية والدبلوماسية ذات الصلة بالمملكة.

في الفترة من مساء يوم 24 إلى 30 أكتوبر/ تشرين الأول، كان هناك 174 ألفا و382 تدوينة على الهاشتاغ، حسب إحصاءات Meltwater لتحليل محتوى شبكة الإنترنت. في وقت بلغ الوسم ذروته في يوم 26 وحده بإجمالي يزيد عن 84 ألف تدوينة.

فترة نشاط وسم #السعودية_خط_احمر - Meltwater

الأكثر تأثيرًا..

شارك في الكتابة على الهاشتاغ 69 ألفا و516 حسابًا، لكن حسابات يتابعها مئات الآلاف والملاييين ساهمت إلى حد كبير في زيادة حجم زخم ورواج الهاشتاغ.

من بين الحسابات المؤثرة في الهاشتاغ:

@Dr_alqarnee, @mh_awadi, @AhlamMostghanmi, @ghadaoueiss, @M_nasseraly, @nasser_duwailah, @Eastern_RT, @mes___20, @hneenxo, @Alshaikh2, @AbtTrend, @anesmansory.

إلى جانب حسابات مؤيدة لاستمرار تنظيم موسم الرياض باعتباره حدثًا اقتصاديًا، استخدمت حسابات أخرى الهاشتاغ، وهي ليست بالضرورة مؤيدة لوجهة النظر السعودية، مثل حسابات الإعلامي المصري محمد ناصر، والصحفي اليمني أنيس منصور.

في حسابه عبر موقع إكس، كتب الداعية عائض القرني، الذي يتابعه 20 مليون حساب، تدوينة عامة تحتوي الوسم، في حين اكتفت بعض الحسابات الضخمة بإعادة مشاركة المحتوى، مثل الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي أعادت نشر تدوينة تهاجم "المتصهينين العرب"، كانت كتبتها السعودية علياء أبو تايه الحويطي، مؤسسة "رابطة المعارضين المستقلين العرب". 

كما رصدنا مؤشرات على مشاركة حسابات على علاقة بما يسمى بـ"الجيش السلماني الإلكتروني" في حملة التدوين على الهاشتاغ، وهو عبارة عن "قوَة إلكترونية وطنية تطوعية... اتخذوا تويتر منصّة لهم بهدف الدفاع عن الدين والقيادة والوطن". أسسها شخص اسمه عزيز القحطاني في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، حسبما يقول موقع إلكتروني للمجموعة.

كان حساب "إدارة الترند والجيش السلماني" يعيد نشر تدوينات منشورة للحسابات المشاركة في وسم #السعودية_خط_أحمر، مصحوبة بوسم #الجيش_السلماني_الإلكتروني، كما يظهر في الصورة أدناه.

ارتبط "الجيش السلماني" بالعديد من الحملات الإلكترونية المنسقة على مدار السنوات الماضية، مع القيام بعمليات اختراق أو غلق حسابات منتقدي السعودية.

بعض الحسابات المشاركة في الحملة كانت تضع وسم #الجيش_السلماني، مثل حساب بنت الوطن (Loj_2022@)، الذي كان يضع صورًا تعريفية للملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

من بين الحسابات المرتبطة بـ"الجيش السلماني" والنشطة على الوسم، حساب عبدالله بن بندر abinbandr2@، الذي وردت تدويناته ضمن الأكثر تأثيرًا وتفاعلا، برصيد 21 تدوينة نشرها في الوسم. ومثله نشط حساب عبدالله الشمري - 011_alshammari@ برصيد 68 تدوينة. وحساب عزيز المطيري zgTzJgZVTuowiaC@ بـ 244 تدوينة. ولاحظنا حسابًا آخر يحمل نفس اسم الحساب الثاني، ولكن معكوسًا، أي "المطيري عزيز - lqSdaPaE7dq3fuN@"، ونشر وحده 988 تدوينة، حسب إحصاءات Meltwater. 

ولاحظنا تغريدين للمطيري، إحداهما كانت تهاجم "الكلاب التي تنبح"، وأخرى تتحدث عن علاقة "الدم الواحد" بين مصر والسعودية.

في يوليو/ تموز، ظهر عبدالله بن بندر والمطيري والشمري في سلسلة تغريدات مهنئة لسعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي، على مولوده الجديد. ظهر القحطاني في يونيو/ حزيران، بعد اختفائه عن الأنظار منذ واقعة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018،    

وقبل إعفائه من منصبه على هامش مزاعم تورطه في مقتل خاشقجي، كانت هناك العديد من التقارير حول دوره في أنشطة البروباغندا والحملات الإلكترونية.

123 ألف تغريدة من حسابات مجهول مكانها  

في غضون فترة النشاط الأخير لوسم #السعودية_خط_أحمر، تم نشر حوالي 123 ألف تدوينة (122756) صادرة من حسابات لا تحدد مكانها الجغرافي. وطالعها 13 مليونًا و600 ألف حساب، وكانت في نطاق رؤية محتمل لـ 20 مليونًا و668 ألفا آخرين.

وفقا لـ Meltwater، يبلغ قوام هذه الحسابات 46,697 حسابًا على الأقل، وهو عدد هائل، لكنه ربما يعطي تفسيرًا لسبب صعود الهاشتاغ إلى صدارة الترند، ويثير العديد من التساؤلات حولها.

ولاحظنا وجود حسابات تُظهر مؤشرات نشاطها أنها وهمية، ومع تدقيقنا في الأمر، وجدنا أكثر من شبكة وهمية منخرطة في موجة التدوين على الهاشتاغ.

إحدى هذه الشبكات، كانت حساباتها مُنشأة في شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى جانب أخرى ظهرت في عام 2021 و2022.

لم تحظ حسابات الشبكة بعدد كبير من المتابعين، وبعضها لا يتابعها أحد تمامًا. ومحتواها عبارة عن ريتويت/ ريبوست لمحتوى حسابات سعودية دعائية لولي العهد السعودي، وفي نفس الوقت تروج لمنتجات تجارية، وهي إحدى الممارسات الرائجة في فضاء منصة إكس في المملكة، حيث تستخدم العديد من الجهات جيوش من الحسابات الوهمية للأغراض السياسية والتجارية. وحتى مطلع 2023، كان لدى السعودية 15.5 مليون مستخدم للمنصة.

من هذه الحسابات:

@gm0968930, @wtlmr1275728, @hudaahmad1999, @AlyafeMokt38118, @mimaa889, @Rdas2083, @almkhawy_ly, @Elham5552, @M_2019H, @sjy67216440, @kamal_harharah, @RawanSabee65661, @mrm1316844, @tejoyoj, @mtnymsn162629, @wYR53gvwQH66159.

حملت بعض حسابات الشبكة علامة التوثيق الزرقاء المدفوعة، بينما لا يتابعها سوى 36 شخصًا فقط.

كما وسمت منصة إكس بعض حسابات الشبكة بأنها تقوم بنشاط غير طبيعي.

أما الشبكة الثانية، فكانت عبارة عن حسابات وهمية تحمل أسماءً تركية، جميعها منُشأ في أغسطس/ آب 2023. تبث الشبكة محتوى متماثل تمامًا، ولا تتابع أو يتابعها أحد. وفي الهاندل أو اسم المستخدم يتم تكرار اسم الحساب مضافًا إليه أرقام غير متناسقة، وتضم صورًا كارتونية أو أرشيفية من الإنترنت.

من حسابات الشبكة:

@Ozgurderel31868, @Gullucelik2057, @CivanerMeh53904, @HATICESARI70197, @Tubadem19614575, @SareSimsir84902, @Gulusancel29475, @BinnazCaka58617, @KocabiyikH71258, @Sukruozdem68118, @HarikaCiha76067, @Haticemert549, @naciye_dem7384, @Aligenc2851280, @Seheryanma56867, @Fatmabaksi44603, @GulmezNurd15127.

المفارقة هنا أن الحسابات الوهمية التركية كانت تضخ تدوينات في صورة ريتويت، في توقيت زمني واحد (في الساعة 8:32 من صباح 28 أكتوبر)، قبل أن تتوقف لبعض الوقت ليبدأ بعدها نشاط الشبكة السعودية في الساعة 8:35 صباح نفس اليوم.

"مهرجان الجاز"

رغم أن غالبية محتوى الحملة لم توجه نقدًا مباشرًا إلى الفنان محمد سلام، سوى عدد قليل من التدوينات، في حين تركزت على الدفاع عن تنظيم موسم الرياض، وانتقدت "الدول المجاورة" التي "تحسد المملكة"... واحتوت بعض التغريدات تعبيرات لخطاب الكراهية، مثل "صعاليك، كلاب، كلاب تنبح".

وقالت إحدى التغريدات: "في شارع الهرم .. وضع صهاينة العرب الذي يهاجمون السعودية باستمرار ويدعون الشرف نهارًا ويطالبون بايقاف فعاليات موسم الرياض تضامنا مع الأحداث في فلسطين وهم منذ عقود يمارسون الرذيلة والعُهر الأخلاقي والسياسي ليلاً داخل اوطانهم المحتله اساسًا".

واعتبرت تدوينات أخرى أن وقف موسم الرياض لن يحل القضية الفلسطينية "بالمواقف الرمزية". وذكرت تدوينة أخرى المصريين بما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي: "لولا تدخل الأشقاء العرب بعشرات المليارات من الدولارات – في 2023 و2014 - لم تكن لتقم لمصر قائمة".    

كما نشطت حسابات سعودية على وسم #مهرجان_القاهرة_الدولي_للجاز للسخرية من موقف الفنان محمد سلام، بسبب قرار إدارة المهرجان بعدم إلغاء الفعالية، ومقارنة ذلك بدعوته إلى تأجيل موسم الرياض.

وانتشرت صور وتعليقات ساخرة على الوسم الذي جمع أكثر من 3500 تدوينة بمشاركة 252 حسابًا. صدر أكثر من ألفي تدوينة من حسابات غير معروف مكانها، و1283 أخرى من السعودية.  

الخلاصة:

- حملة سعودية إلكترونية منسقة تعتمد على خطاب قومي للرد على الدعوات إلغاء موسم الرياض، لا سيما بعد اعتذار الفنان المصري محمد سلام عن المشاركة فيه.

- ظهور دور بارز لما يسمى "الجيش السلماني الإلكتروني" المعروف بدوره في إطلاق الحملات المنسقة والدخول في معارك افتراضية للدفاع عن الموقف الرسمي للسعودية.

- استخدام شبكات حسابات وهمية متعددة للمساهمة في تضخيم وزيادة رواج الوسم.

- وجود شبكة حسابات تحمل أسماء تركية، تشترك في نفس المحتوى المنشور، لا يتابعها أحد، وتفاعلاتها تقتصر على الريتويت.

- استخدام الصور الساخرة والميمز في انتقاد موقف الفنان محمد سلام من موسم الرياض.

- استخدام مفردات تندرج تحت خطاب الكراهية في مهاجمة المصريين.